وصلتم إلى ملفّ المواد التربوية الخاصة بجمعية حقوق المواطن.
للوصول إلى الموقع الجديد للورشة، اضغطوا هنا >>

هدم بيت – هدم عائلة

آخر تحديث في تاريخ 26/04/2014

  يشكل هدم بيت سكني مسا خطيرا بالحق بالمسكن، ذلك أنه غالبا ما يترك العائلة بدون سقف يؤويها. البيت/ المسكن ليس مجرد سقف مادي وإنما هو مركب مهم في شخصية الإنسان وحياة العائلة. فمع هدم البيت تتطاير الذكريات والآمال. تهدم كل إمكانيات إدارة حياة طبيعية، والكسب بكرامة، والاهتمام برفاهية الأولاد؛ تهدم العائلة.

في الدولة التي تحترم الحق بالمسكن فإن هدم البيت يجب أن يكون فقط في حالات استثنائية، كحل أخير وعندما لا يكون هناك مناص. مفهوم ضمنا أنه من الممنوع هدم البيت بشكل تعسفي ،ويجب أن يتم فقط بعد إجراء قضائي ملائم.

وليس صدفة ان هدم المنازل منتشر بالأساس في البلدات العربية ، ذلك أن هدم البيوت مرتبط ارتباطا مباشرا بجهاز التنظيم والبناء. أدير جهاز التنظيم والبناء الإسرائيلي، وفقا لما حددته لجنة أور، عبر اعتماد التمييز السافر ضد البلدات العربية، بدءا بالخرائط الهيكلية، ومرورا بعدم منح تصاريح بناء غياب إشراك الجمهور العربي في مؤسسات الجهاز وانتهاء بعمليات انتقائية لجهاز فرض القانون.

يتم هدم البيوت غالبا بالاستناد إلى قانون التنظيم والبناء من العام 1965. وفقا للقانون، فإن كل بناء، بما في ذلك توسيع بناء قائم، يلزم استصدار ترخيص بناء. يشكل البناء بدون ترخيص مخالفة جنائية، وكل مبنى أقيم بدون ترخيص مصيره الهدم. ولكن من أجل الحصول على ترخيص بناء، يجب أن تكون قسيمة الأرض مدرجة في خريطة هيكلية مصادق عليها. خريطة هيكلية هي خريطة تحدد نمط الاستعمال الذي سيكون للأرض، وهناك خريطة هيكلية قطرية، ولوائية ومحلية. للحصول على تصريح بالبناء هناك حاجة لخريطة هيكلية محلية مفصلة ومصدّقة.[1]

وفي وضع لا تقوم به مؤسسات التنظيم والبناء على مدار عشرات السنين بوضع مخطط للبلدة، ولا تتوفر لها خريطة هيكلية، أو في حالة كون الخريطة الهيكلية تعكس رغبة بتركيز السكان العرب في مساحة محددة ومقلصة ولا تعكس الواقع الفعلي ـ وبضمن ذلك الزيادة الطبيعية ـ لا يمكن الحصول على رخص للبناء. في مثل هذا الواقع تتطور ، لعدم وجود مخرج أو خيار آخر عمليات البناء غير المرخص وتبدأ عمليات هدم البيوت. هذا هو وضع بلدات عربية كثيرة. هذه هي مأساة عائلات عربية كثيرة، هدمت بيوتها.[2]

بدأت المحاكم في الفترة الأخيرة تتطرق في أحكامها إلى هذا الواقع، والتي يرجى بأن تشكل مؤشرات تجاه نحو التغيير الإيجابي.  ففي شباط 2008 أصدرت المحكمة اللوائية في تل أبيب قرارها بمنع تنفيذ أمر هدم لبيت في حي برديس دكا في يافا، لأنه، وعلى مدار 10 سنوات، لم تكن هناك خريطة هيكلية نافذة للحي ولم يكن بالإمكان الحصول على ترخيص للبناء. وقررت المحكمة : “أنه يجب تقديم للمحاكمة أو إصدار أمر هدم فقط بح شخص توفرت له خياران للعمل قانوني وغير قانوني لكن اختار الطريق غير القانوني”.[3]

بعد وقت قصير من إصدار محكمة الصلح في حيفا قرارها بأنه يجب تبرئة ساحة متهمين بالبناء غير المرخص، وإلغاء أوامر الهدم/ لأن أراضي البلدة التي يعيشون فيها، مدينة الكرمل (المقصود هو قريتي دالية الكرمل وعسفيا) لم تخطط كما يجب على مر السنين، وسادت في المكان “فوضى تنظيم وبناء”.[4]

 في آذار 2008 أصدرت محكمة الصلح في بئر السبع قرارا بمنع هدم بيوت أنشئت في قرية بدوية غير معترف بها ولم يتم وضع تنظيم وخطط بناء لها. قررت المحكمة أنه على الرغم من أن البناء يناقض الخارطة الهيكلية القطرية، إلا أن هناك حاجة بمصلحة مشتركة خاصة أخرى من أجل إقرار الهدم، لا سيما على ضوء حقيقة كون هذه البيوت مسكونة بأناس منذ سنوات طويلة ولم يطلب منهم أبدا أن يخلوا هذه البيوت. [5]

  في الحالات الثلاثة أعلاه، امتنعت المحاكم عن الإشارة إلى التمييز كأساس لهدم البيوت، ولكن ليس بسبب كون الملفات الثلاثة تتعلق بأحياء يقطنها سكان عرب.

في القدس الشرقية، أيضا، تنتشر طاهرة هدم البيوت النابعة منالتمييز في سياسات التخطيط. التمييز القدس الشرقية هي منطقة محتلة، ولكن على أثر ضمها لإسرائيل تم تطبيق قوانين التنظيم والبناء الإسرائيلية فيها[6]. فقد كان هناك فراغ تخطيطي في القدس الشرقية منذ العام 1967 وتم ملؤه جزئيا وبصورة تدريجية فقط وببطء. لم يتم إعطاء خطط التخطيط الأردنية أية مكانة قانونية، ولكن لم يتم، أيضا، وضع خطط بديلة. صدرت رخص البناء بتقتير شديد، وفق اعتبارات السلطات حسب كل حالة وحالة، مع اعتبار الخطط الأردنية مجرد خطوط عامة غير ملزمة. فقط في العام 1977 أقرت للمرة الأولى خريطة هيكلية في المدينة، ولكن لم يكن ممكنا استصدار رخص بناء بالاعتماد عليها. وحتى عندما بدأت لجنة التنظيم والبناء المحلية في أواخر سنوات السبعين بوضع خطط بناء، فإن نصف الأراضي تقريبا التي ظلت تابعة لملكية السكان العرب بعد المصادرة بقيت بدون تخطيط، ولم يكن ممكنا البناء عليها وفق رخص بناء. فقد تم تعريف نحو 35% من الأراضي في الأحياء العربية في القدس الشرقية كمناطق طبيعية مفتوحة الأمر الذي قلص أكثر المساحات المعدة للسكن.

وحتى في المناطق التي شملها التخطيط للبناء، فقد كانت نسب البناء الممنوحة (النسبة المئوية المسموح البناء عليها من مجمل مساحة قطعة الأرض، بما في ذلك البناء للأعلى) منخفضة جدا مقارنة بنسب البناء في المناطق اليهودية. ففي القدس الشرقية تراوحت نسبة البناء بين 35%-75% بينما وصلت نسبة البناء للشقق السكنية المسموح بها في غربي القدس بين 75%-150%، وفي حالات كثيرة كانت أعلى من ذلك بكثير. نتيجة لهذا التمييز لا يوجد في القدس الشرقية حل يستوفي احتياجات السكان السكنية، وهناك ظاهرة آخذة بالاتساع تتمثل بالبناء غير المرخّص. إنها الضرورة التي يفرضها الواقع في ظل غياب تنظيم لائق ومحدث يلائم احتياجات السكان. ومن هنا إذن هدمت الدولة خلال السنوات عشرات البيوت في حي جبل المكبر. عائلات كاملة تحولت بدون مأوى وحكم عليها بالعيش باكتظاظ في بيوت معارفها وبالمس بكراماتها. في تشرين الثاني 2009 قدمت جمعية حقوق المواطن التماسا إلى المحكمة العليا بطلب حظر هدم البيوت في الحي وإصدار الأمر لبلدية القدس وجهات أخرى يقضي بالمبادرة خلال ثلاث سنوات إلى إجراء تخطيطي لائق يستجيب لاحتياجات الحي.



[1] نشرة معلومات من جمعية حقوق المواطن ومنظمة بمكوم، http://www.acri.org.il/pdf/destroy.pdf.

[2] لتجسيد الأمر راجع قصة سميح سلامة من مجد الكروم في شريط الفيديو الذي أنتجته جمعية حقوق المواطن في ذكرى يوم الأرض 2008، http://www.acri.org.il/camp/clips/landday2008heb.wmv.

[3] راجع قرار الحكم (محكمة لوائية تل أبيب) 07/80137 دقة ضد بلدية تل أبيب ( القاضية د. ميخال أغمون- غونين، بتاريخ 4.2.08. وتم تقديم استئناف ضد القرار للمحكمة العليا).

[4] م.ج (محكمة صلح حيفا) 04/4420  دولة إسرائيل ضد حديد( القاضي دانييل فيش، بتاريخ 20.2.08).

[5] محكمة الصلح في بئر السبع، أبو شحيطة ضد دولة إسرائيل (القاضي يسرائيل إكسلارد، من يوم 5/3/2008).

[6] لمراجعة تحليل شامل حول وضع التنظيم والبناء في القدس الشرقية راجعوا: ناتي مروم، فخ تخطيطي: سياسة التنظيم ، تنظيم الراضي، ورخص البناء وهدم البيوت في شرقي القدس، جمعبة بمكوم- مخططون من أجل حقوق تخطيط وجمعية عير شاليم- القدس، 2004، http://www.bimkom.org/dynContent/articles/Deadlock%202.1.pdf.

للنشر والطباعة:
  • Print
  • Facebook
  • Twitter
  • email

دليل:

التصنيفات: خلفية للمربي

אפשרות התגובות חסומה.