وصلتم إلى ملفّ المواد التربوية الخاصة بجمعية حقوق المواطن.
للوصول إلى الموقع الجديد للورشة، اضغطوا هنا >>

هل المسكن حق إنساني؟

آخر تحديث في تاريخ 26/04/2014

هل المسكن حق إنساني؟

“ليس الموضوع هنا التملك ولا الملكية على نحو عبثي ـ العقارات والممتلكات التي ثمنها في السوق هو كذا وكذا – وإنما بيت الإنسان، ومسكن عائلته. فمكان سكن الإنسان هو المكان الذي يستثمر فيه جزءا من حياته، ففي المدرسة المجاورة لبيته يتعلم أولاده، وقد يكون اختار مكان سكنه لقربه من مكان عمله، أو قرب أصدقائه، أو سعى من البداية للعيش في مكان هادئ ـ أو مكان مركزي ـ للسكن فيه، مع اعتبارات أخرى إضافية تجعل من بيت الإنسان مركزه في المجتمع”.[1]

يعود سبب الارتداع الذي يخلفه التعبير “الحق بالمسكن”، إلى كون هذا المصطلح لم يتجذر بعد في الخطاب العام والخطاب القضائي، ولذلك فإنه يثير كثيرا من التساؤلات وعلامات التساؤل. هل يعني الحق بالمسكن أن على الدولة أن توفر شقة لكل شخص؟ هل يعني أن لكل إنسان الحق بأن يكون مالكا لشقة أو ربما حقا مقلصا بالحصول على مأوى وسقف لمن يفتقرون لبيت؟ ما هي الظروف التي يمكن الإنسان أن يدعي فيها أنه تم انتهاك حقه بالمسكن؟ وما هي التزامات الدولة تجاه مثل هذا الشخص؟

يخلط الكثيرون بين الحق بالتملك وبين الحق بالمسكن، على الرغم من أن الحق بالمسكن لا يعني الحق بامتلاك شقة. ليس هذا الحق حق بالتملك وإنما حق اجتماعي، الحق بمسكن لائق إلى حد ما. الحق بالمسكن هو مصدر تمكين لمن لا يملكون المسكن: فهو يدافع عن الإنسان في وجه قرارات السلطات التي تمس بسقف بيته، وهو يمكّن الإنسان من مطالبة الدولة بالعمل للدفاع عن حقه في المسكن وتخصيص الموارد لهذه الغاية؛[2] وهو يُلزم السلطة بتحديد سياسة وسلم أولويات. هذا هو السبب على ما يبدو الذي يسبب عند صانعي القرار ارتداعا يمنعهم من تطبيق الخطاب الحقوقي على مجال الإسكان. ففي غياب حق منصوص عليه ومحمي بحق المسكن يمكن للسلطات أن تعمل وفق سياسة إسكان ضبابية وغير واضحة المعالم، وتغيير هذه السياسة صباح مساء دون أي رقابة أو نقد شعبي أو قضائي.

يتناقض الحق بالمسكن أحيانا مع حقوق أخرى، مثل الحق بالملكية الخاصة، أو مع مصالح اقتصادية.  وقد يشكل هذا الحق حاجزا أو كابحا ضد أساطين العقارات، وأصحاب البيوت أو الجهات المالية. ولهذا السبب، أيضا، هناك من يحاول إقصاء وإبعاد موضوع المسكن عن الخطاب الحقوقي ومنع تأثير الحق بالمسكن على القانون وعلى قواعد السوق الحر.

التمييز القائم ضد مواطني إسرائيل العرب هو الأشد حدة. فغالبية البلدات العربية تفتقر إلى خرائط هيكلية، أو أن الخرائط المتوفرة فيها متقادمة ولا توفر احتياجات السكان  الأساسية للمسكن ـ ولذلك لا يمكن استصدار تراخيص بناء في البلدات العربية، فيما البناء القانوني غير مُتاح. وفي ظل هذا الوضع وفي غياب خيار آخر  يتطور بناء غير مصادق عليه ومعرض للهدم بموجب قانون التنظيم والبناء. تواصل الدولة رفضها الاعتراف بوجود القرى البدوية غير المعترف بها في النقب، وتتجاهل ظروف المعيشة القاسية فيها. كما تواصل الدولة هدم بيوت مواطنيها وسكانها العرب ـ في هذه القرى وفي البلدات العربية في الشمال، في المدن المختلطة، وفي أحياء القدس الشرقية. نتيجة لذلك تبقى آلاف العائلات بدون مأوى، أو أنها تعيش في ظل خوف دائم من هدم البيت الذي يؤويها. بل إن الدولة تواصل التمييز ضد السكان العرب في مجال منح الامتيازات الاقتصادية في مجال السكن، وهي لا توفر الخرائط ولا الحلول السكنية.



[1] القاضي ميشيل حيشين في التماس رقم 93/7112  تسودلير ضد يوسف مجلة قرارات الحكم ، مجلد م.ح (5) 550،566 (1994).

[2] في جنوب أفريقيا على سبيل المثال ، يتم ترسيخ الحق بالمسكن بصورة قوية في الدستور.ذلك أن مجموعة مكونة من مئات العائلات التي انتظرت لفترات طويلة للحصول على مساعدة في المساكن العامة، التمست للمحكمة ضد نية السلطات إخلائها من منطقة كانت استوطنت فيها دون تصريح. وقد درست  المحكمة الدستورية مخططات السكن في المنطقة وأصدرت قرارها بانها غير معقولة  وغير كافية لضمان الحق بالمسكن للملتمسين. وألزمت المحكمة أيضا، الدولة بتخصيص وتوفير مسكن مؤقت لحين إيجاد الأرض. South Africa v. Grootboom, SA46 (CC) (2001). لمراجعة وصف وقراءة في قرار الحكم راجعوا غاي زايدمان، حقوق اجتماعية: نظرة مقارنة بين الهند وجنوب أفريقيا في كتاب: يورام رابين، يوفال شاني (محرران) الحقوق الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية، إصدار راموت 2004.

للنشر والطباعة:
  • Print
  • Facebook
  • Twitter
  • email

دليل:

التصنيفات: خلفية للمربي,خلفية للمربي عن الحقوق

אפשרות התגובות חסומה.