فكرة المشروع وتطوّره
باشر قسم التربية في جمعيّة حقوق المواطن في تنفيذ هذا المشروع في سنة 2002 كجزء من احتفالات الجمعيّة بمناسبة مرور ثلاثين عامًا على تأسيسها، في إطار معرض فنّيّ نظّمته وتناول حقوق الإنسان. جاء اقتراح قسم التربية بإطلاق مشروع تربويّ في المدارس، يتوّج بمعرض رسومات أطفال تتناول حقوق الإنسان من وجهة نظرهم. لاقت الفكرة استحسان إدارة الجمعيّة وباشرنا في قسم التربية في العمل على المشروع. في البداية عُرضت الفكرة على الفنّان والمربّي إبراهيم حجازي من طمره، الذي تشجع للفكرة وقدّم عدّة أفكار واقتراحات عمليّة لتنفيذ المشروع وساهم في تجنيد عدد من الفنّانين للعمل على المشروع، من بينهم الفنان سلام ذياب الذي رافق المشروع منذ انطلاقته الأولى وما زال يرافقه حتّى اليوم. دفع نجاح المشروع القائمين عليه إلى جعله تقليدًا سنويًّا، وبما أنّ موارد الجمعيّة محدودة فقد اضطررنا إلى العمل في 15-20 مدرسة سنويًّا، علمًا بأنّه كان من الممكن أن نعمل في عشرات المدارس سنويًّا لو توفّرت الموارد الماليّة الكافية.
الحلقة المركزيّة في هذا المشروع هي المربّين والمربّيات، إذ إنّه من الأهمّيّة بمكان أن تكون عمليّة التربية للقيم الديمقراطيّة والإنسانيّة في المدارس من خلال هذه الحلقة. جدير بنا أن ننّوه هنا إلى أنّ كلّ من يعمل في التربية بإمكانه تنفيذ هذا المشروع أو قسم منه، ولا يشترط فيه أن يكون مدرّسًا للفنون أو فنّانًا.
تشير تجربة السنوات العشر إلى وجود هناك نجاحات كبيرة أيضًا عندما كان هناك مركّز أو مركّزة للتربية الاجتماعيّة أو مستشار/ة أو مدير/ة أو مربٍّ/ مربّية صفّ، متحمّسين للمشروع، وليس فقط عندما كان مدرّس الرسم معنيّ بالموضوع.
تبدأ المرحلة الأولى من المشروع بطرح موضوع حقوق الإنسان في الصفّ، تعريف التلاميذ بمفهوم حقوق الإنسان ومناقشته من خلال تجاربهم الشخصيّة ومعلوماتهم. بطبيعة الحال، نحن في جمعيّة حقوق المواطن رافقنا المعلّمين من خلال التدريبات والاستكمالات وزوّدناهم بفعّاليّات لهذه الغاية.
أمّا المرحلة الثانيّة ففيها يرسم الأطفال حقوق الإنسان كما يفهمونها وكما يرونها. بعد ذلك تكون هذه الرسومات موضوع للنقاش في الصفّ من زوايا مختلفة. لهذه المرحلة أهمّيّة خاصّة، إذ إنّ رسم الحقوق وما يرافقه من تفكير في التجارب الشخصيّة، ومن ثمّ عرض الرسومات ومناقشتها مع المجموعة تساهم في فهم فكرة حقوق الإنسان بمستوياتها المختلفة وعلاقتها بواقعنا كأفراد وكمجتمع. مع تطوّر المشروع استعمل التلاميذ والمعلّمون تقنيّات فنّيّه متنوّعة كالتصوير، والتصميم الغرافيّ، وبناء مجسّمات وكولاج، ودمج الموادّ ولم تقتصر التقنيّات على الرسم فحسب.
بعد هذه المرحلة باستطاعتكم استخدام هذه الرسومات في فعّاليّات مختلفة مثل عرضها في معارض فنّيّة، تطرح موضوعات للنقاش العامّ في المدرسة. بالإضافة إلى ذلك بالإمكان دعوة الأهالي والجمهور إلى حوار تربويّ حول مجمل القضايا التي أثارتها رسومات الأطفال التي لا شكّ أنّها ستكون مرتبطة بواقعهم وبالقضايا التي تشغلهم.
من بين هذه الرسومات تمّ اختيار رسومات للمعارض القطريّة التي رافقتها نشاطات ثقافيّة وفنّيّة متنوّعة، نوقشت فيها قضايا حقوق الإنسان وانتهاكاتها. لقد شمل كلّ معرض قطريّ حوالي 40-30 عمل فنّيّ اختارتها من بين مئات الأعمال لجنة اختار خاصّة ضمّت فنّانين ومربّين وممثّلين عن جمعيّة حقوق المواطن. أقيمت المعارض القطريّة بالتعاون مع مؤسّسات مختلفة، مثل: رابطة الفنّانين التشكيليّين العرب “إبداع”، مراكز جماهيريّة، كلّيّات للتربية ومدارس في جميع أنحاء البلاد.
مع إصدار هذا المرشد لا بدّ لنا أن نتقدّم بالشكر والتقدير لكلّ من ساهم وعمل في المشروع من مركّزين، فناّنين، مديري مدارس ومراكز جماهيريّة، مربّين ومستشارين تربويّين وجميع التلاميذ الذين شاركوا في المشروع. كما نتقدّم بالشكر الخاصّ لكلّ من قدّم لهذا المشروع مساهمة خاصّة
نأمل ان يساهم هذا الكتيّب في تعميق التربية لحقوق الإنسان في مدارسنا التي هي بأمسّ الحاجة إلى ذلك، وفي تشجيع المدارس والمؤسّسات التربويّة على تبنّي مشاريع إبداعيّة للتربية لحقوق الإنسان كمشروع أطفال يرسمون حقوق الإنسان.
شرف حسّان
مدير قسم التربية
جمعيّة حقوق المواطن