الصواب السياسي[1] – بين شرطة الأفكار واللباقة الأولية
إعتاد المجتمع على التعليق وتصحيح اقوال المتحدثين والمتحدثات، الكاتبين والكاتبات، فيما يتعلق بسلامة اللغة. اذا نشر ملف يحتوي على مصطلح مثل “ثلاث أولاد” أو “عشر شواكل” – سيكون هناك من سيصحح هذا الخطأ. الحفاظ على لغة سليمة من الممكن أن ينبع من توجه محافظ ( على سبيل المثال، توبيخ عند استخدام “لغة الشارع” التي توّسع حدود اللغة)، أو رغبة في الحفاظ على قاسم مشترك – لأن قواعد اللغة تمكّن الجميع من فهم الآخرين، لأن الجميع يتحدث بنفس اللغة ويستخدمونها بالأسلوب ذاته.
راج المصطلح في الولايات المتحدة الأميركية في الثمانينيات من القرن السابق من قبل كتاب وصحفيين من باب النقد الساخر والمتهكم لنفاق النهج التقدمي في إشارة إلى ترسيخ قيم التقدمية والتعددية في الأقوال عوضا عن الأفعال. وقد ساهم هذا التهكم بترسيخ المصطلح ليتحول للتيار المركزي في الثقافة السياسية الرسمية في الولايات المتحدة وفي العالم حيث بات من خلاله يحاسب الفاعل السياسي على أقواله وسلوكياته[2].
تطوّر النهج النقدي ووفقًا له بدأ بتصحيح المصطلحات التي تحتمل تفسيرًا مُهينًا، مُذلا أو يقلل من شأن فئات معينة في المجتمع. وهذا يسري على مجموعة النساء، الأقليات (الأولاد أو المهاجرين)، ذوي الإعاقات، مثليي الجنس وآخرين. هذا النهج سُميّ – “الصواب السياسي”.
لماذا من المهم تطوير هذا النهج؟ إن القاعدة التي يرتكز عليها هذا النهج تعود الى احترام الفئات المختلفة في المجتمع، وتعبيرًا عن المساواة بين جميع البشر. ان المصطلحات التي ترمز الى التقليل من شأن فئة أو إعلاء شأن أخرى تحوّلت الى مصطلحات غير مقبولة، وكل فئة (سواء كانت من الفئات المُستضعفة التي يحميها الصواب السياسي، أو معسكر سياسي مثل اليمين او اليسار) طوّرت حساسيات خاصة بها و”قاموس مصطلحات” مقبول عليها. وهذا صحيح عندما يتعلق الامر بمصطلحات تحمل التمييز، الايحاء الجنسي، اللاسامية، العنصرية ورُهاب المثلية والمس بأحاسيس فئات معينة[3].
في الولايات المتحدة الأمريكية؛ على سبيل المثال؛ بدأوا باستخدام مصطلح “الافرو- أمريكيين” بدل “السود”، و”الأمريكيين الأصلانيين” بدل “الهنود الحمر”. وفي اسرائيل بدا استخدام مصطلح “الطوائف الشرقية” بدل “الشرقيين” ومكان “عرب اسرائيل” “فلسطينيون مواطني اسرائيل” وهكذا. مثال آخر هو ازدياد التوجه المحايد جندريًا، بدل التعامل مع صيغة المذكر كصيغة افتراضية “طبيعية” – مثلا “المترشحين/ات” لوظيفة معينة (وهو أمر ينطبق أكثر على اللغة العبرية لما فيها من تمييز لغوي بين صيغتي المذكر والمؤنث).
ان نهج “الصواب السياسي” يعتمد على فكرة الحوار والخطاب، ويعني أن اللغة تبلور الواقع الاجتماعي الذي نعيشه من جهة وتتأثر بعلاقات القوة من جهة أخرى. تباعًا لهذه الفكرة يقضي نهج الصواب السياسي بأن أحدى الطرق للتأثير على الظلم الاجتماعي هو تغيير اللغة وتغيير الخطاب من خلالها[4]. ان المعترضين على هذا النهج يدّعون بأن انتهاج الصواب السياسي يمنع التصادم الحقيقي مع الواقع ويشوّش الوعي لوجود ظواهر اجتماعية مرفوضة.
وايضا يدعي المعارضين, أن الصواب السياسي يحد من مساحة حريّة التعبير. وهناك من يتمادى أبعد من ذلك فيدعي بأن الصواب السياسي يأخذ منحى النظام التوتاليتاري( الشمولي)، وأن هناك ارهاب ضد من يحيد عن الصواب السياسي.
في الفترة الاخيرة سُمعت ادعاءات ناقدة لفكرة “الصواب السياسي” على انها تشجع على الكذب والنفاق، هنالك ادعاءات بشأن المبالغة في هذه الثقافة، وان انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة كان ردًا مضاد لهذا النهج.
فعالية صفيّة – الصواب السياسي
القسم الاول:
للمعلم/ة- يجب ادارة نقاش قصير لاستيضاح معرفة الطلاب حول مصطلح الصواب السياسي، معناه، حسناته وسيئاته. كذلك يجب الربط بين مصطلح الصواب السياسي وحرية التعبير. (قاعدة لبناء حوار موجودة في الخلفية النظرية اعلاه).
القسم الثاني:
فعالية بمساعدة مقالات من الانترنت. يمكن تقسيم الصف الى مجموعات، وكل مجموعة تحصل على مقال وتدير نقاشًا حسب الاسئلة الموجهة المعطاه لها. يمكن اختيار نفس المقال وتوزيعه على كل الصف وادارة نقاش صفّي.
اليكم مقال يجسد المبالغة في توجه الصواب السياسي والردود عليها، كما نورد اسئلة موجهة للنقاش:
أ. ما هو الادعاء المركزي في المقال؟
ب. ما العلاقة بين الصواب السياسي وبين علاقات القوة في المجتمع؟
ت. هل غيّر المقال موقفكم تجاه الحاجة للصواب السياسي؟
ث. يعرض هذا المقال (هنا)ادعاءات مختلفة حول الصواب السياسي. اقرؤوا المقال والمقولات الواردة ادناه. عبروا عن رأيكم بها من خلال التطرق الى مصطلح الصواب السياسي وتبريره او الاعتراض عليه.:
- أن احدى الظاهر المؤسفة في الصواب السياسي هي “مهاجمة فئة أقلية دون الأخرى”.
- القاعدة: “عندما اتحدث فان هذا انتقاد شرعي، عندما يقول الخصم نفس الكلام يكون تحريضًا”.
- “على الرغم من ان الاقليات لا تتمتع بالحصانة ضد الاهانة والشتم في المجتمع الاسرائيلي، يبدو ان العنصرية ضد الفلسطينيين هي الاكثر تجذرًا”.
- “يمكن ان نقول كل شيء”، يدّعي منتقدي الصواب السياسي، “الكلمات لا يمكنها ان تقتل”.
2. يضم هذا الفيلم (اضغط هنا ) لغة فظة، ويعرض موقفًا يبيّن استياء الناطقة من الصواب السياسي، وقلة الصراحة التي فرضت عليها، ومطالبتها للجمهور بأن يقولوا رأيهم.
أ. ما رأيكم بالادعاءات الواردة في الفيلم؟ هل تشعرون بالسوء نتيجة اللغة التي تستخدمها الناطقة؟
ب. هل الشتائم = الصراحة والحقيقة؟ هل “اللغة النقية” هي صواب سياسي؟
تلخيص:
أ. ما هي حسنات وسيئات الصواب السياسي؟
ب. كيف يمكن المحافظة على التوازن بين حماية الفئات التي يتم المس بها بشكل خاص وبين الرغبة في الحفاظ على حرية التعبير والتفكير؟
ت. فكروا بمصطلح تفوهتم به مؤخرًا وربما لم يكن عليكم استخدامه وفقا لنهج الصواب السياسي. من سيتم المس به نتيجة التفوه بهذا المصطلح؟ هل هناك تبرير من الامتناع عن استخدامه وتحديد حريتكم في التعبير؟
———————————————————–
[1] يتمحور نهج ثقافة “الكياسة السياسية” أو ما يسمى “الصواب السياسي” – Politically correct – حول تجنب الوقوع في ألفاظ تحمل في طياتها بشكل مباشر أو غير مباشر، معان عنصرية أو تجريح للمشاعر أو تأجيج الفروقات بين البشر بشكل مهين لفئات معينة، فمثلا بحسب مبدأ “الصواب السياسي” من المفضل أن نقول “ذوي الاحتياجات الخاصة” وليس “معاقين” أو “قصير القامة” وليس “قزم”. ومن أبزر الأمثلة الأميركية في “الصواب السياسي” القول “أميركي أصلاني” بدلا من “الهنود” أو “أفريقي” عوضا عن “كوشي-نيجير”. إذا فإن المعنى الرائج لـ”لصواب السياسي” والذي تحول إلى نهج مركزي في السياسة هو أي عمل أو قول يصدران عن شخص يراعي فيهما مسايرة الرأي العام حول قضية من القضايا، وقد تكون تلك المسايرة مقصودةً لذاتها ولأهداف لا علاقة لها في الحقيقة بتلك القضية فترى سياسي علماني يختار كلماته بعناية فائقة عند الحديث في الأمور الدينية تحسبا لمشاعر المتديينن وأهمية الدين في المجتمع كي لا يفقد تعاطفهم.( موت ثقافة “الكياسة السياسية”/ خالد تيتي)
[2] المصدر- موت ثقافة “الكياسة السياسية”/ خالد تيتي
[3] https://www.itu.org.il/?CategoryID=500&ArticleID=1179
[4] المصدر ويكيبيديا.