“السؤال حول السماح للمعلمين والمعلمات بالتعبير عن آرائهم ومواقفهم السياسية يشغل الجهات المدنية والقانونية في الدولة منذ قيامها. منشورات المدير العام لوزارة التربية والتعليم حول هذا الشأن تتغير مرّة كل بضع سنين وفقًا للوضع الاجتماعي والأمني والسياسي. وهناك احتمالٌ أن تصل هذه القضيّة إلى المحكمة وتكون هي صاحبة القرار فيها.
في الوقت الذي يسود فيه الرأي الذي يلغي حق المربين في التعبير عن آرائهم السياسية، يكون الأمر مصحوبًا بعقاب أحيانًا، وهناك معلمون ومعلمات يخسرون وظائفهم بتهمة التعبير عن الرأي السياسي. ولكن، الأهم مما ذكر هو كون حرية التعبير للمعلمين والمعلمات هي قضية تربوية من الطراز الأول ويجب بحثها من هذا المنطلق”.
إن فصل المعلم يسرائيل شيران من وظيفته بسبب ارسالهِ رسالةً مجهولة الكاتب أوصى من خلالها بوقف تعليم “تراث رابين”، هو نموذج لسهولة كم الأفواه التي لا تتوافق في آرائها مع الاجماع العام في جهاز التربية. في العام 2014 اقيمت لجنة لفحص حدود الخطاب المقبول في جهاز التربية بعد العاصفة التي أحدثتها قضية المعلم آدم فرطا، الذي عبّر – وفق ما صرحت به احدى طالباته- عن آراء يسارية متطرفة. بعد توجه الطالبة الى وزير التربية والتعليم تمت دعوة فرطا الى جلسة استماع ومن ثم – في اعقاب الضغوطات الكثيرة – لم يتم فصله من شبكة أورط التي يعمل فيها.
ان التعليمات في منشور المدير العام خصصت للخطاب التربوي حول مواضيعٍ مثيرةٍ للجدل توصيات تتعلق بالحفاظ على التوازن ما بين المواقف المختلفة. ان النقاش حول حدود حرية التعبير في المواضيع المثيرة للجدل هو من اكبر التحديات في جهاز التربية، فكيف يمكن فتح المجال للطلاب والطالبات الاستماع الى الاراء المتنوعة وتمكينهم من اتخاذ موقفهم الخاص حول أي موضوع، وسط خضوع حرية التعبير عن الرأي للعديد من القيود في جهاز التربية.
ها نحن نشهد أيضا على عاصفة أخرى بعد قيام مدير احدى المدارس باستضافة منظمة “كسر الصمت” واستدعائه للاستجواب في وزارة التربية. الوزارة دعت المدير المذكور بعد تقديم شكوى بالتحريض، لكن جهات في الوزارة أوضحت أن الادعاءات غير مقنعة. وعلى الرغم من تصريحات وزير التربية ضد منظمة “كسر الصمت” قبل سنة من هذه الحادثة، لا توجد أية أوامر تمنع المدارس من استضافتها.
هذه القضية دفعت وزير التربية نفتالي بينيت لاضافة تعديلات على منشور المدير العام والذي يمنع دخول جهات خارجية الى المدارس خاصة تلك التي يمكن لنشاطها ان يشكل زعزعة لشرعية الجهات الرسمية كالجيش والدولة، كما دعم اقتراح قانون تم تحضيره وقدّم على يد اعضاء الكنيست شولي معلم وبتسلئيل سموتريتش ضد “منظمات تعمل في البلاد والعالم ضد جنود الجيش الاسرائيلي”، وكان الهدف من اقتراح القانون منع منظمات كهذه من دخول المدارس. الوزير بينيت قصد في اقتراحه منظمة “كسر الصمت” وذلك بعد ان فشل في منع المنظمة من دخول الدارس في السنة الماضية حيث قام أعضاء المنظمة بتقديم المحاضرات امام الطلاب في عدد من المؤسسات التربوية في البلاد.
منشور المدير العام 2016/4 (ب) 11 كانون أول 2016
ملخص الأمر:
البرنامج الوطني للتعليم الهادف يسعى نحو الامتياز القيمي والاجتماعي وتأسيس مجتمع مثالي في دولة اسرائيل. ومن أجل هذا الهدف على وزارة التربية والتعليم تعزيز مشاركة الطلاب في القضايا الأخلاقية والاجتماعية وتشجيع الحوار حول قضايا مثيرة للجدل، ويشمل هذا مواضيع سياسية وآنية، بواسطة النقاش العادل المحترم. الحوار الذي يمكن للطلاب من خلاله التعبير عن آرائهم، والتفكير والتخبّط هو حجر أساس في التعليم الهادف: قيمة للمتعلّم والمجتمع، مشاركة المتعلّم وذو جدوى للمتعلّم.
لقراءة المنشور
ملخص التغييرات من الأمر السابق:
يحدد المنشور ضرورة التزام المتحدثين – المعلمين والجهات الخارجية- أمام الطلاب بحقيقة وجود دولة اسرائيل وقانون التربية الرسمي، ويشدد على منع المس بشرعية الدولة ومؤسساتها الرسمية، الى جانب السماح بانتقاد الدولة شرط ان يتم الحوار باطار التقييدات المذكورة آنفًا. كما يشدد المنشور على عدم السماح بدخول جهات خارجية ومتحدثين خارجيين الذين يمكن ان تتضمن نشاطاتهم على العنصرية، او التمييز، او التحريض، او الدعوة للعنف، او الدعايات الحزبية بصورة لا تتفق مع منشور المدير العام في هذا الشأن، او حوار يمس بشرعية دولة اسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية. كذلك، لا يسمح بدخول متحدثين قاموا بارتكاب مخالفة مشينة او جهات تعمل ضد قوانين دولة اسرائيل او جسم يمكن لنشاطه التشكيك بشرعية جهات رسمية (مثل الجيش والمحاكم).
في اعقاب هذا التعديل في منشور المدير العام توجهت جمعية حقوق المواطن الى المستشارة القضائية لوزارة التربية بطلب اصدار أمر بالغاء تعديل منشور المدير العام والعمل على وقف ممارسات وزارة التربية المرفوضة والتي تتجسد باستدعاء مدراء المدارس لجلسات استماع بعد استضافة منظمة “كسر الصمت” في المدارس. وطالبت الجمعية المستشارة القضائية باصدار توضيح حول حق وواجب مدراء المدارس تمكين طلابهم من ادارة نقاش حر عقلاني حول القضايا المثيرة للجدل في المجتمع الاسرائيلي، وتمكينهم من الانكشاف على الآراء والمواقف المختلفة والمتناقضة، ويتم هذا على الاغلب من خلال دعوة منظمات عديدة مثل “كسر الصمت” لالقاء محاضرات امام الطلاب.
اللجنة الوزارية لشؤون سن القوانين صادقت بالاغلبية (ب8.1.17) على اقتراح القانون الذي يمنع مشاركة نشطاء “كسر الصمت” في الفعاليات المدرسية، اقتراح القانون؛ الذي دعمه وزير التربية نفتالي بينيت ورئيس كتلة “يش عتيد” يائير لبيد؛ قدّم بمسار معجّل.
بعد التصويت على القانون، تم ارسال استعراض رأي من قبل المعهد الاسرائيلي للديمقراطية والذي يطالب الوزراء رفض القانون قطعيًا. كاتبا الاستعراض بروفيسور مردخاي كرمينتسر ود. عمير فوكس ذكرا انه وفقًا للتعريفات الضبابية المقترحة في القانون من الممكن الادعاء بأن جميع الأطر والشخصيات من مختلف الانتماءات السياسية يسعون من خلال الى المس باهداف التربية الرسمية. وبذلك ستمكّن حُجة “مناقضة اهداف التربية” او “المس بمكانة وكرامة الجيش في المجتمع الاسرائيلي” اي وزير مستقبلي – بحكم سلطته – بتفعيل منظومة انتقائية ضد المنظمات التي تختلف معه في الرأي.
مقترح لنقاش تربوي:
ما هي التأثيرات الممكنة لسن قانون كهذا على:
• المدارس
• الطلاب والطالبات
• المعلمين والمعلمات
• التربية القيمية والمواضيع المثيرة للجدل
• المجتمع