د.أوكي مروشك-كلارمن
في 21 من اذار في كل عام، يحيي العالم اليوم العالمي لمناهضة التمييز العنصري. نحن نؤمن أن التربية لمناهضة العنصريّة يجب أن تبدأ من الأجيال المبكرة حتى جيل الشباب. نتوجه اليكم/ن أعضاء الهيئة التدريسيّة في المدارس عامة أن تشاركونا النشاط في هذا اليوم، وأن تبادروا للعمل على فعاليّة تربويّة في مركزها مناهضة ظاهرة العنصريّة. نعود ونؤكّد على أهميّة قيادة سيرورات تربويّة دائمة وتفاعليّة، ترتبط بواقع الطالب وتحفّز مشاعره وتفكيره – من خلال تطوير آليّات تربويّة ابداعيّة ومتنوّعة، في سبيل التربية لقيم العدالة، التسامح، ومناهضة العنصرية!
في شهر تشرين الثاني المنصرم (2016) إشتعل حوالي 1700 حريق في انحاء مختلفة في البلاد. في نفس الاسبوع سادت اجواء خماسينية وهبت رياح شرقية قوية بعد موسم خريف حار. خلال موجة الحرائق قام رئيس الحكومة وشخصيات أخرى في الحكومة بالأدلاء بتصريحات حول اشعال الحرائق على خلفية قومية، وأن الحديث عن أعمال إرهابية. المفتش العام للشرطة أمر باقامة طاقم تحقيق خاص، وبالشراكة ما بين الشرطة واجهاز الأمن العام تم اعتقال 37 مشتبهًا بهم باشعال الحرائق، معظمهم بشبهة اشعال الحرائق على خلفية قومية. بعد شهرين من التحقيق لم تقدم لوائح اتهام تتعلق باشعال حريق على خلفية قومية.
كما ذكرنا، خلال الايام التي اشتعلت فيها الحرائق، قامت شخصيات رفيعة المستوى في الحكومة بالأدلاء بتصريحات وكتابة منشورات في شبكات التواصل الاجتماعي، وجهوا فيها اصابع الاتهام تجاه الفلسطينيين والعرب في اسرائيل. الاعلام الحكومي بدوره قام بنقل تصريحات السياسيين الى الجمهور دون التروي وانتظار نتائج التحقيق وبذلك ساهم الاعلام باتهام مجموعة أقلية كاملة بالإرهاب. على الرغم من وجود معارضين لهذه الاتهامات في شبكات التواصل الاجتماعي، واللذين قاموا بنشر صور توضح تأثير حالة الطقس على الشرق الأوسط، وذكروا أن الحرائق تنتشر أيضا خارج حدود الدولة، وفي بعض البلدات العربية داخل اسرائيل. لكن هذا الموقف لم يجد مكانًا له في الاعلام، وتم التعامل مع “ارهاب الحرائق” كحقيقة مطلقة. بكلمات أخرى، قبل ان تظهر الحقيقة سارع السياسيون ومن ثم الاعلام لتبني “حقائق” عنصرية ضد العرب.
نحن نشهد مؤخرًا استخدامًا واسعًا لـ “ما بعد الحقيقة” في أوساط السياسيين. هذا المصطلح يتعلّق بالأسباب والظروف التي تجعل الحقائق الهادفة ذات تأثير ضئيل جدًا على بلورة الرأي العام مقابل التلاعب بالمشاعر والقناعات الشخصية. على خلفية الحملة الاعلامية لدونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية، والاستطلاع الشعبي الذي جرى في بريطانيا حول الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، فقد تم إختيار مصطلح “ما بعد الحقيقة” للقب “كلمة العام” حسب قاموس اكسفورد. ان موجة الحرائق في اسرائيل هي مثال يجسّد استخدام ما بعد الحقيقة في الحق السياسي، حيث يقوم منتخبو الجمهور بعرض مواقف على أنها حقائق، وتتحول مواقفهم الشخصية الى حقائق مُطلقة في أوساط الاعلام الذي يقوي بدوره الراي العام تجاه القضية المطروحة.
حرية التعبير عن الرأي وحرية الصحافة هي قيم هامة وتعتبر جزءًا من حقوق الانسان الاساسية. ويعتبر الحفاظ عليها ضروريًا في الدولة الديمقراطية. باطار حرية التعبير هناك حق لكل انسان في التعبير عن رأيه وموقفه، لذلك فانه يمكن اعتبار تصريحات الشخصيات الجماهيرية خلال موجة الحرائق كشرعية، تخلق مساحة رمادية في النقاش العام. لكن الضباب الذي تولّد هنا يجب تبديده: في حرية التعبير عن الرأي استثناءات مذكورة في القانون، وفقًا لها فان التصريحات العنصرية والمحرضة لا تندرج تحت حماية حرية التعبير، وتعتبر مخالفة جنائية.
ان نشر العناوين الاخبارية المتطرفة وأحادية التوجه خلق مواقف سلبية في اوساط المتلقين. عندما تكون مجموعتان في حالة صراع فان الاحساس بالتهديد الواحد على يد الاخر يزيد من الاحساس بالعدائية والمواقف السلبية تجاه الاخر. في هذه الحالة فان مجموعةالاقلية التي لا تملك هنا اي مجال للدفاع عن نفسها، تعرضت للهجوم على أكثر من جبهة دون انتكون ضالعة في القضية. المجتمع العربي في اسرائيل عُرض كمصدر تهديد بشكل جارف، عندما قام الاعلام والشخصيات الجماهيرية بتجذير الخوف في اوساط الجمهور وبذلكاعطواالشرعية للعنصرية والافكار المسبقة. ان وصف مجموعة كاملة كخطر وفقًا لأصلها او قوميتها هو عنصرية تامة، تتجسد في التصريحات المندفعة للشخصيات الجماهيرية عبر وسائل التواصل الاجتماعي. نتيجة لذلك، وفي جزء من الحالات تم اعتقال اشخاص لانتمائهم لمجموعة الأقلية المذكورة وليس لكونهم مذنبين.
ان التصريحات المتطرفة والمحرضة الموجهة ضد أقلية كاملة لا تعتمد على حقائق، ولا يمكن تقبلها دون الاعتراض عليها. يمكن ان تكون لهذه التصريحات اسقاطات صعبة ولا توجد امكانية للدفاع عنها بشكل تام تحت اطار حرية التعبير. ان التفوهات التحريضية التي تمس بكرامة انسان او مجموعة وفقًا للعرق او الدين او القومية او الهوية الجنسية تعتبر عنصرية أيضًا. قانون العقوبات الاسرائيلي يقّر بأن التحريض على العنصرية او العنف هي مخالفات جنائية وعقوبتها السجن.
مقترح لنقاش تربوي:
- ما هو الحق في التعبير عن الرأي؟ أعطوا أمثلة من الحياة اليومية لاستخدام حرية التعبير (الاعلام، شبكات التواصلالاجتماعي، الاحتجاج، الملابس وغيرها).
- هل تعرضتم لموقف تم فيه تحديد حريتكم في التعبيرعن رأيكم؟ كيف شعرتم حينها؟
- 3. ما هي العنصرية؟ لمن هي موجهة؟ ملاحظة للمعلم- يمكن القراءة عن الموضوع بتوسع هنا.
- ما هو التحريض (وما هو التحريض للعنصرية) – هل تعرفون هذه المصطلحات؟ ما هو معناها؟ في أي المجالات يمكن ان نجد هذا التحريض (شبكات التواصل الاجتماعي، المظاهرات وغيرها)؟
- هل يمكنكم الحديث عن مواقف واجهتم فيها التحريض؟ مع التشديد على شبكات التواصل الاجتماعي.
- ما هي – حسب رأيكم- الاسباب التي تجعل التحريض للعنصرية او العنف شاذة عن حرية التعبير؟ هل من الصحيح برأيكم تقييد حريةالتعبير في حالات التحريض؟
للتوسّع:
الفرق بين الموقف، الحقيقة وما بعد الحقيقة هو في السياق: فيما تكون الحقيقة أمرًا يمكن اثباته او نفيه، وهناك امكانية لتوثيقه بوسائط مختلفة، فان الموقف هو تحليل ورأي لشخص حول حدث معين وتفسيره، ومن المهم تفسير هذا الامر للطلاب.
“السياق” باختصار- هو قصة انسان يصف بصراحة وطريقة شخصية تجاربه الخاصة من وجهة نظره. “مابعد الحقيقة” هو مصطلح يتعلق بعملية تحريف الواقع من اجل تشويه حقائق ومحاولة التأثير على المشاعر.
مقترح فعالية:
يمكن مطالعة صحيفة يومية مع الطلاب، وطلب ايجاد مثال على كل واحد من المصطلحات المذكورة اعلاه، يجب فتح النقا ش بعد ذلك معتمدين على الأمثلة التي وجدت.
مقترح فعالية (لطلاب المرحلة الابتدائية):
تخيلوا عالمًا فيه حرية تعبير بلا حدود. اكتبوا قصة عن يوم في حياتكم، وصفوا من خلالها احداثًا تبدأ من لحظة استيقاظكم حتى لحظة خلودكم للنوم. اذكروا في قصتكم حالات تظهر فيها مدى فائدة او ضرر حرية التعبير.
للمعلم/ة:
يمكن تقديم اقتراح للطلاب لمشاركة قصته مع طلاب الصف، وتوجيه أسئلة تتعلق بالفرق بين العالم المتخيّل والواقع الذي نعيشه.
