تحضير: خلود ادريس
اللّغة العربية هي لغة التخاطب ولغة الثقافة لأكثر من خُمسِ مواطني إسرائيل. وهي لغة رسمية في البلاد قبل اقامة دولة اسرائيل. من واجب الدولة احترام استخدام اللغة العربية، إذ يشكل هذا الاستخدام اشتقاقًا من حقّ الأقلية العربية في الحفاظ على هُويتها القومية وتميّزها الثقافي وحقها في استخدام العربية في الحيز العام المشترك لجميع مواطني الدولة وفي المؤسسات الرسمية للدولة.
صوت 13 عضوا من الائتلاف الحكومي في اللجنة الوزارية للتشريعات يوم 7.5.2017، من أجل تقديم مشروع قانون “الدولة القومية” المثير للجدل الذي ينص على أن “حق تقرير المصير في دولة إسرائيل يقتصر على الشعب اليهودي وحده”. وينبغي أن يمر مشروع القانون من خلال عدة جلسات تشريعية في البرلمان ليصبح قانونا. يتناول اقتراح القانون عدة مجالات هامة كالسكن ورموز الدولة و”قانون العودة” وغيرها. في قضية اللغة، ينص مشروع القانون على أن العبرية ستكون اللغة الرسمية الوحيدة في الدولة، اما اللغة العربية فستعرف كلغة ذات مكانة خاصة وللمتحدثين بها “الحق في الحصول على الخدمات التي تقدمها الدولة بلغتهم”.
يسعى اقتراح اللجنة الوزارية إلى إلغاء مكانة اللغة العربية كلغة رسمية، وبهذا يتجاهل أهمية اللغة لدى الفلسطينيين مواطني الدولة، التي تنبع من مكانتهم كمجموعة أصلانية تحيى في البلاد حتى قبل تأسيس الدولة. هذا انعكاسا لواقع شامل نرى فيه العبرية مسيطرة على الحيّز العام، فيما تُزَجّ العربية نحو الهامش. هذه الاقتراح يتجاهل حاجة الأقلية الفلسطينية إلى الإنتماء الجماعيّ وإلى تحقيق الذات لدى الأفراد الذين ينتمون إلى المجموعة، وإلى بلورة هويتهم الشخصية وتعفي الدولة من مسؤوليتها بخصوصية مجموعة الأقلية في الحفاظ على مميزاتها الخاصة وتعزيز لغتها و ثقافتها .
وقد أقرت محكمة العليا سابقا ان “اللغة تشغل وظيفةً مركزيةً في الوجود الانساني للفرد وللمجتمع. بواسطة اللغة، نعبر عن انفسنا وعن تميزنا وعن هويتنا الاجتماعية. في حال أخذت اللغة من الانسان، اخذت منه ذاته”. كما جاء ان هنالك اهمية كبرى عند الحديث عن لغة لأقلية قومية، اذ تتخذ اللغة وظيفة خاصة في تطوير والمحافظة على هويتهم الثقافية والقومية. وعليه، فإن اهمية منح تعبير عام للغة الاقلية لا تقتصر فقط على توفير معلومات للمواطن. ان التقيّد في استخدام لغة الأقلية تنبثق من حقها في المحافظة على هويتها القومية وعلى تميزها الثقافي في الحيز العام. وقد اقرت المحكمة العليا فيما يخص اللغة العربية ان تميزها مزدوج: “هي لغة الاقلية الكبرى في اسرائيل، وهي مرتبطة بمظاهر ثقافية وتاريخية ودينية للأقلية العربية في اسرائيل. وهي لغة رسمية في اسرائيل. هناك العديد من اللغات التي يتحدثها الاسرائيليون ولكن اللغة العربية هي اللغة الوحيدة، الى جانب اللغة العبرية، لغة رسمية في اسرائيل وعليه فإن مكانتها خاصة..”. الغاء مكانة العربية كلغة رسمية بواسطة هذا القانون، يعني عمليا مصادرة احدي الادوات القانونية التي يستند عليها المطالبون باستخدام العربية في الأمكنة العامة وفي مؤسسات الدولة وتحسين مكانتها الفعلية.
ومن جهته يؤكد المحامي حسن جبارين في مقاله “الحقوق الجماعية والمصالحة في بناء الدستور: الحالة الإسرائيلية” ان الأقلية القوميّة ، بحاجة إلى حقوق جماعيّة كي تضمن لأفرادها سياقا ثقافيا وتاريخيا(membership cultural). وسيؤدي المساس بالبنية الثقافيّة للأقلية إلى تآكل في حريات الأفراد الذين ينتمون إليها، وذلك بسبب العلاقة المتأصّلة بين حريات الفرد وسياقاتها الثقافيّة. لا ينسحب هذا الأمر على مجموعة الأغلبيّة المسيطرة، حيث أن السياق الثقافي مضمون للفرد الذي ينتمي إلى هذه الأغلبيّة، لأن لغته هي الرسمية والمهيمنة، لكونها لغة الأغلبيّة في الدولة. إذًا ليس من قبيل المصادفة أن يتطرق القانون الدولي إلى حقوق حصرية للأقلية لا للمجموعة المهيمنة. لذا، يعتبر أي تشريع إضافي، يرمي إلى تعزيز الهوية الإثنية للأغلبيّة المهيمنة، مساسًا بمبدأ المساواة بين المجموعات المختلفة من ناحية، وبالاستقلال الذاتي للأفراد الذين ينتمون إلى مجموعة الأغلبيّة من ناحية أخرى. هذا وفسّر قاضي المحكمة العليا سابقا) يتسحاق زمير ) المعنى العمليّ للحقّوق الجماعية، على النحو التالي: “يحقّ للمجموعة أن تستخدم وترعى اللغة والموروث الخاصين بها ومن شأن ذلك أن يكون منوطًا، أيضًا، بمطالبة السلطة بالمساعدة في حماية الحقّ وتطويره “؛
وللتلخيص تعريف الدولة هي قضية دستورية مهمة وذات تأثير واسقاطات بعيدة المدى، وحسمها يجب ان يأخذ بعين الاعتبار احتياجات وحقوق الاقليات المختلفة في المجتمع. ان كل تعريف للدولة يتم تبنيه واعتماده يجب ان يتضمن حق كل مواطني الدولة في المساواة المدنيّة التامة دون أي فرق قومي او ديني او اثني. لذا ترى جمعية حقوق المواطن ضرورة للتصدي للقانون قبل تحويله للقراءة الاولى في الكنيست.
لذلك تعكف الجمعية في الشهر الحالي على رصد احتياجات المواطنين العرب ومتحدثي العربية كلغة أم، وذلك من خلال استطلاع تم نشره عبر صفحة الفيسبوك الخاصة بالجمعية، ونشاطات ميدانية للاطلاع على أكثر خدمات الدولة افتقارًا للغة العربية.
لذا، تتوجه جمعية حقوق المواطن الى الجمهور وتدعوه للمشاركة في تعبئة الاستطلاع الذي ستشكل نتائجه قاعدة بيانات مهمة لاستمرار العمل على المستوى القانوني، لإتاحة الخدمات للجمهور العربي بلغته الام.
للمشاركة في الاستطلاع يرجى النقر هنا
اسئلة للنقاش:
1. اذكر واعرض المبدأ/الحق الذي يمس به اقتراح “قانون القومية”؟ اشرح كيف ينعكس هذا المبدأ في القطعة .
2. اشرح الادعاء بان مشروع “قانون القومية” الذي يؤيده اعضاء اللجنة الوزارية يمس بالحقوق الجماعية للمواطنين العرب في مجال اللغة. علل إجابتك.
3. بين واشرح وسيلتين للحفاظ على الهوية الخاصة للأقلية . أعط أمثله من القطعة.
للتوسع:
1. اقتراح قانون القوميّة – موقف جمعية حقوق المواطن: هنا
- “الحقوق الجماعية والمصالحة في بناء الدستور: الحالة الإسرائيلية” – المحامي حسن جبّارين | مجلة عدالة الإلكترونيّة، العدد 12، نيسان 2005 هنا
- حق الأقلية العربية في لغتها: علاء محاجنة | مجلة عدالة الإلكترونيّة، العدد 50، تموز 2008 هنا
4. العربية كلغة أقلية في إسرائيل من وجهة نظر مقارنة: أييلت هرئيل-شليف | مجلة عدالة الإلكترونيّة، العدد 14، حزيران 2005 هنا
5. اللغة العربية في إسرائيل: – المركز العربي للحقوق والسياسات : هنا
6. مكانة اللغة العربية في إسرائيل – القاضي سليم جبران : ا هنا