بقلم نيفين أبو رحمون.
“اكتشفت” بلديّة القدس مؤخراً أن للقدس وطلابها خاصيّة وأنهم ليسوا مواطنين. بالتالي استحدثت فكرة إعادة كتابة منهاج المدنيات بما يتلاءم مع هذه الخاصيّة، وقد شكّلت لجنة من مختصّين في العلوم السّياسيّة والمدنيات يقف على رأسها البروفيسور موشي هالينجر من قسم العلوم السياسية في جامعة بار إيلان مستشار وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية في موضوع المدنيات.
القدس بمدارسها تخوض معركة كبيرة على السّيادة والاستقلاليّة الثقافيّة بشكل يومي في ظل محاولات إسرائيلية حثيثة لفرض منهاج إسرائيلي يستبدل المنهاج الفلسطيني، ومن جهة أخرى تقاوم ما يمكن فرضه من خلال المراكز الجماهيرية التي تطال الشباب المقدسي من أجل اختراق المجتمع المقدسي وتمرير مشاريع أسرلة تطبّع مع الواقع المقدسي والاحتلال. معركة القدس بمدارسها على المعلومة والوعي والمكانة وعلى الماضي والمستقبل لأجيالها.ومن يقف على رأس البلديّة بعقليّته الصهيونية يدرك تماما أن لهذا ثمن كبير يدفع من أجل فتح قنوات من خلال المدارس المقدسيّة. وأن قرارها هو قرار سياسي ضمن السياسات العامة الاستعمارية لتهويد القدس وتثبيت الاستيطان وتغيير هويّة ومكانة القدس، وللمدارس والمناهج حصة كبيرة بذلك. خصوصا أن المجتمع المقدسي بأغلبيّته ما زال رافضاً ومقاوماً لفرض المواطنة الإسرائيلية ويتمسّك بالثوابت وعلى رأسها انتمائه في الصميم الى القدس بعروبتها وأن السيّادة والملكيّة التاريخية في القدس لا مفاوضات عليها مع الاحتلال.
جعلت اسرائيل من مدارسنا أداة من أجل السّيطرة المُحكمة على الأجيال الفلسطينيّة الصاعدة وعلى منسوب الانتماء والولاء لهم لمن يكون وفي القدس، تعلم اسرائيل أيضا أن اختراق المدارس ومحاولة اقحام منهاج اسرائيلي ضمن سياسة الترغيب والترهيب هو الوسيلة من أجل ضرب العمل التربوي المنظّم على أساس الكلّ الفلسطيني ومحاصرة العمل الوطني المقدسي والتي تعتبر المدارس جزء أصيل منه.
لموضوع المدنيّات خاصته التي تستغلها اسرائيل كل مرّة من جديد من أجل تمرير روايتها الصهيونية للأجيال، وهنا نجزم أن ما تقوم به البلديّة قمة في الخطورة ويجب التعامل مع القضيّة بجديّة كاملة من أجل وقف تنفيذ ذلك ولأننا ندرك ماذا يمكن لعقلية الاحتلال أن تأتي بمنهاج بديل يخاطب الطالب الفلسطيني المقدسي وواقعه، السّرديّة والرّواية التاريخيّة، وهنا يأتي دور لجنة أولياء الأمور المقدسية التي تلعب دوراً وطنيّا كبيراً في وجه قرارات البلديّة ووزارة التربية والتعليم الاسرائيلية، وكذلك هو دور الحراكات الشعبيّة الفاعلة على الساحة في التصدي لهذا المخطّط الخطير الذي سيغيّر من التعامل مع المدارس ومع الطالب، وأكثر من ذلك هو يرمز إلى تغيير واقع ومكانة المقدسي.
دورنا كناشطين وناشطات، قيادات، معلّمين ومعلّمات أن تكون صرختنا عالية في وجه من يدّعي المهنيّة المزيّفة وأن نكشف زيف هذه المناهج الملّوثة في مدارسنا، وأن يكون نضالنا منظّم ضمن النضال الفلسطيني العام في وجه كل سياسات فرض المناهج الإسرائيليّة.
نيفين ابو رحمون,*نائبة سابقة عن القائمة المشتركة في الكنيست ومٌدرّسة مدنيّات.
رابط لمقال عن موضوع المدنيات لطلاب القدس الشرقية من موقع walla