بعد ان عقدت عدة جلسات في الالتماس الذي قدمته جمعية حقوق المواطن ضد بلدية نتسيرت عليت في موضوع ادراج الكتب والخدمات باللغة العربيّة في مكتبات المدينة، أقرت محكمة الشؤون الادراية في الناصرة محو الإلتماس بعد استيفائه المسار القضائي، والتزام البلدية بالاستمرار بدمج الكتب العربية في مكتباتها العامة.
يأتي هذا القرار بعد محاولات متكررة لبلديّة نتسيرت عيليت للتهرب من تنفيذ التزاماتها اتجاه مواطنيها العرب بشتى الوسائل، اما عن طريق وضع بعض الرفوف مع قلّة قليلة من الكتب في المركز الجماهيري في حي الكروم، وامّا عن اعلان نيتها اقامة مكتبة عربية في نفس الحي بدون أي خطوة فعليّة نحو التنفيذ. لكن اصرار الأهالي وجمعية حقوق المواطن أجبر البلدية اخيرًا على دمج الكتب العربية في مكتبة “جرين” في حي هار يونا، واجراء برامج تربوية خاصة للأولاد العرب في هذه المكتبة.
وقد نجحت جمعية حقوق المواطن باجبار البلدية بالالتزام بتطوير هذه البرامج واضافة المزيد من الكتب وقصص الاطفال باللغة العربية في مكتباتها، لتقليص الفجوات في هذا المجال. وكانت جمعية حقوق المواطن قد قدمت هذا الالتماس باسم العديد من اهالي نتسيرت عليت العرب، وقامت بالعديد من الاجراءات والمراسلات مع البلدية ووزارة الثقافة، ورفضت التوجه العنصري للبلدية في حصر الخدمات المقدمة للقراء والاطفال العرب في مكتبة صغيرة، وعدت باقامتها في حي الكروم، وأصرت على تقديم كافة الخدمات ودمج الكتب وقصص الاطفال والمواد التعليمية والتربوية باللغة العربية في جميع المكتبات العامة في نتسيرت عليت.
وكانت جمعية حقوق المواطن قد قدمت التماساً إدارياً لمحكمة الشؤون الادارية في الناصرة بإسم مواطنين عرب، هاني سلوم وراوية حندقلو، ضد بلدية نتسيرت عيليت ووزارة الثقافة والرياضة، في نهاية آذار من العام الماضي 2015، مطالبةً إياهم بتوفير كافة الخدمات المكتبية المتاحة في المكتبات العامة في المدينة للمواطنين العرب بلغتهم الأم، بواسطة شراء الكتب والمجلات وشتى وسائل المعرفة الرقمية بكمية لا تقل من حيث الجودة والمضمون من المجموعات القائمة في المكتبة في لغات أخرى، منها العبرية والروسية. كما طالب الالتماس بإضافة اللغة العربية الى مصادر المعلومات وخدمات البحث الالكترونية، وفي محطات البحث وعلى لوحات المفاتيح في الحواسيب. بالإضافة الى المطالبة بتفعيل برامج وفعاليات تربوية واجتماعية وثقافية باللغة العربية مثل المحاضرات والندوات وحلقات النقاش، و”ساعة قصة” للأطفال والدورات التثقيفية، وخدمات الاستشارة ومساعدة طلاب المدارس في تحضير واجباتهم المدرسية.
وتضمن الالتماس الذي قدمته المحامية نسرين عليّان والمحامي عوني بنا من جمعية حقوق المواطن، انّ المكتبة العامة في نتسيرت عيليت أقيمت في العام 1990 في المركز الجماهيري “بركوفيتش”، فيما أقيم خلال السنوات الماضية فرعان اضافيان، أحدهما في مدرسة “كسولوت” بناءً على طلب جمهور القراء الناطقين بالروسية، وتم تدشين الفرع الآخر عام 2010 عند اقامة المركز الجماهيري على اسم “جرين” في حي “هار يونا”. وتحتوي المكتبات على 70 ألف كتاب ومجلة في مجالات عدة وبلغات مختلفة، منها العبرية والانجليزية والروسية وحتى الاسبانية والفرنسية، والى حين تقديم الالتماس لم يكن هناك ولا كتاب واحد باللغة العربية.
وعقبت المحاميه نسرين عليان مقدمة الالتماس، والتي مثّلت اهالي نتسيرت عيليت العرب قائلة: نحن سعداء طبعًا من التغيير الذي حصل اثر الإلتماس بإدراج اللغة العربية في منظومة المكتبات العامة في بلدية نتيسرت عليت، وادخال الكتب العربيّة الى مكتبة “جرين” وتوفير الخدمات المكتباتيّة باللغة العربيّة. لكن، وفي نفس الوقت نحن نعتقد بأن التغيير الذي حصل حتى الان لا يكفي، وكان على بلديّة نتسيرت عيليت الالتزام بإدراج الكتب والخدمات باللغة العربية في كل مكتباتها العامّة كي يحصل المواطن العربي على نفس الخدمات التي يحصل عليها جاره اليهودي في نتسيرت عيليت، ونحن سنتابع هذه القضيّة حتى نحصل على المساواة التامّة في هذا المجال. انها خطوة في الاتجاه الصحيح وسنتابع عمل البلدية في هذا الخصوص لنتأكد من استمرار التزامها بما تعهدت به أمام المحكمة.
وقال هاني سلوم أحد الملتمسين، لقد بدأ نضالنا يثمر بفضل عمل وجهود طاقم جمعية حقوق المواطن المهني والدؤوب، ودعم نواب القائمة المشتركة، وكذلك دعم السكان العرب الذين شاركوا في النشاطات الهادفة في المدينة. لقد حكم القاضي أبراهام أبراهام أن هناك فجوة جدية بين ما تقدمه البلدية والمكتبات العامة في نتسيرت عيليت باللغتين العبرية والروسية وبين ما تقدمه باللغة العربية، وأن على البلدية أن تعمل على سد هذه الفجوة. وأشار أيضًا أنه لا يمكن أن نتوقع سد الفجوة بين ليلة وضحاها. نجحنا في شق وفتح طريق للتغيير في البلدية وشركة المراكز الجماهيرية، المُخوَّلة بإدارة المكتبات والفعاليات في المراكز الجماهيرية، ولا نريد أن نسمح لهما بتأخير سد الفجوة، والتذرّع بأن الأمر يتطلب وقتًا طويلا وميزانيات كبيرة، خاصة بعد أن أغلق القاضي الملف ولم تعد البلدية تحت ضغط القضاء. علينا أن نستمر في شق هذه الطريق لتطول وتتوسّع دون أن نتوانى عن الملاحقة والمثابرة على جميع الأصعدة. وبما أن هذه الفجوة كبيرة، علينا تحصيل ميزانيات أكبر، وهنا سيكون لنواب القائمة المشتركة دور أساسي. كذلك علينا أيضًا التأثير كمًّا وكيفًا على ما يُضاف من كتب وفعاليات باللغة العربية، كي تكون تتناسب المضامين مع تطلعاتنا واحتياجاتنا، نحن السكان العرب على اختلاف أجيالنا واهتماماتنا الأدبية، التربوية، الثقافية، والرياضية. ونؤكد على اهمية العمل يدًا بيد مع نواب القائمة المشتركة في نتسيرت عليت، وزيادة نشاطنا بشكل دائم، واستغلال المرافق المتاحة إلى الآن، والمطالبة بالزيادة والتحسينات، وتقديم اقتراحات بناءة وخلاقة، وكذلك التطوع إن أمكن. هدفنا أن يكون لنا ولأولادنا مراكز لقاء محلية فعالة، غنية وعصرية، ودائمة التطور، اسوة بباقي المواطنين في نتسيرت عليت، ولأن هذا حقنا الطبيعي والأساسي.