كيف يمكن التربية على التسامح داخل الصفّ في الوقت الذي يكون العنف والتحريض خارج الصف في أوجه؟
في الصيف الأخير واجهنا الكثير من الاحداث والتحديات المتعلقة بقضايا حقوق الانسان وظاهرة العنصرية المنتشرة في المجتمع، سواء على الصعيد المجتمعي الداخلي أو على صعيد الدولة ككلّ. الأجواء مشبعة بالتحريض والعنصريّة والأولاد يتأثرون بكلّ هذا ويذوته. كيف نتعامل مع هذا الموقف والقضايا؟
الواقع يفرض علينا تحديات من المهم مناقشتها بعمق وبنظرة ناقدة داخل اطار المؤسسة التربوية. كثرة هذه الاحداث تشير الى ضرورة تعزيز التربية لمناهضة العنصرية. يدرك المعلّمون أنّه يجب التعامل بشكل فعّال مع أحداث هذا الصيف، وهم يبحثون عن سبل ناجعة للقيام بذلك، مفترضين أنّ هذه الاحداث أثّرت وسوف تؤثّر في التلاميذ وفي ما يجري داخل الصفّ.
يهدف هذا المقال إلى تسليط الضوء على خطوات تربويّة للتعامل مع القضايا المثيرة للجدل، كما أنّه يهدف إلى الإشارة إلى الإمكانيّات المتوفّرة في هذه الخطوات لتشكّل تغييرًا اجتماعيًّا، لا سيّما في ضوء الديناميكيّة التي تجري خارج الصفّ، في الحيّز العامّ، في هذه الأيّام بالذات. ترتبط هذه الخطوات التعليميّة بتركيبة الصفّ، وبالسلوك التربويّ العامّ الذي ينتهجه المعلّم، ومن شأنها أن تخلق ديناميكيّات صفّيّة تختلف اختلافًا جوهريًّا عن الديناميكيّة التي تميّز الحيّز العامّ في هذه الايّام.
لتوضيح الأمور، نقترح عليكم افتتاحيّة للدرس (قد تكون أكثر من واحدة طبعًا!) هدفها أن تطرح للنقاش أحداث الحرب وحالة العنصرية التي سادت المجتمع خلال هذا الصيف، رغبة في تحفيز التلاميذ على طرح أفكارهم والتعبير عن مشاعرهم. بعد ذلك سأقوم بتحليل هذه الافتتاحيّة المحتملة وتفسير لماذا يشكّل تطبيق هذه الأمور بشكل فعليّ من قبل المعلّم، فرقًا واضحًا بين ما يحدث في الصفّ وما يحدث خارجه. بناءً على هذا فإنّ هذه الافتتاحيّة تشكّل رسالة تعليميّة تقترح التحول من الحوار المتطرّف، المحرّض والذي يسبّب الضعف، إلى حوار فيه احتواء، حوار مركّب ويدفع إلى التدعيم والتمكين.
للمزيد »اقتراح لفعاليات – في ظلّ أحداث الكراهية والعنصريّة والعنف.
التعامل مع الواقع في الصفّ في أعقاب الحرب – إرشادات منهجيّة مارسلوا فكسلر
كيف نتعامل مع المواقف والمشاعر المتطرّفة لدي التلاميذ في أعقاب الحرب؟ كيف يبدو مثل هذا الدرس؟ هل لدينا القدرة على التأثير في الخطاب العنصريّ الصاخب؟ ومن أين نبدأ كلّ شيء؟
يقدّم مارسيلو فاكسلر، المستشار التربويّ في قسم التربية والتعليم، آليّات تعليميّة- تربويّة للإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها في طريقة للتعامل الناجع مع آثار الحرب على مواقف التلاميذ ومشاعرهم. لقراءة ورقة التوجيهات المنهجيّة الكاملة بصيغة pdf انقروا هنا.
مقدمة:
أدّت الحرب على غزّة إلى ارتفاع في مستوى العنصريّة والتعصّب، إسكات الآراء والخوف لدى عامّة الناس.
كما ورد في المقال “الصفّ كصورة مصغّر للواقع“، يعتبر الصفّ مرآة لواقع المجتمع. وعليه فمن الواضح أنّه مع العودة إلى المدرسة، سيرغب التلاميذ في الحديث عن تجاربهم خلال فصل الصيف بسبب الحرب. إنّهم يريدون آذانًا صاغية، وسيرغبون في مشاركة مشاعرهم وأفكارهم. دور المعلّم هو تمكينهم من ذلك، حتّى لو كان من الصعب جدًّا احتواء تصريحات قاسية تجاه الآخر.
في أوقات الأزمات، نميل بحكم العادة إلى التراجع نحو القوالب الأوّليّة التي تشكّل آليّة دفاعيّة في مواجهة الفوضى. منظومة القوالب الثنويّة المتناقضة (الجيّد والسيّئ، معي وضدّي وما شابه)، تعود لتشكّل تفسيرًا معقولًا في مواجهة حالات الخوف والعجز. لذلك، حتّى لو طوّرنا مع مرور الوقت نظرة أكثر تعقيدًا (مركبة) تجاه الواقع من حولنا، ونحن قادرون على أن ننظر إلى الآخر بعدّة طرق ومن زوايا مختلفة، نعود في أوقات الأزمات إلى المربّع الأوّل مرّة أخرى.
إذا كان هذه العمليّة تحدث وتتطوّر لدى الكبار، فكم بالحريّ عند الأطفال، خاصّة في أوقات الأزمات، عندما يقلّد الأطفال سلوك الكبار.
هذه هي المعطيات الأوّليّة في كلّ حوار مع التلاميذ في الصفّ. من المهمّ أن نأخذ بعين الاعتبار وجود فجوة في السلوك على خلفيّة العمر والسياق. يكون الأطفال الأصغر سنًّا أكثر ميلًا لإطلاق العنان لمشاعرهم، قبل أن يصوغوها. في المقابل، المراهقون هم أكثر ميلًا لإيجاد علاقة مباشرة بين المشاعر والتصريحات التي يصوغونها بشكل أو بآخر. ومع ذلك، في أيّ حال عمليّة الحوار يمكن أن تبدأ عندما يشعر الأطفال بأنّ المعلّم هو بمثابة آذانٍ صاغية بالنسبة لهم.