كما هو الحال في كلّ عام، يسرّ قسم التربية والتعليم في جمعيّة الحقوق المواطن، أن تقدّم لجمهور المعلمين الرزمة التعليميّة السنويّة بمناسبة اليوم العالميّ لمكافحة جميع أشكال التمييز العنصريّ، الذي يصادف يوم 21 آذار. لقد اخترنا هذا العام التعامل مع قضيّة العنصريّة في الحيّز الافتراضيّ. ندعوكم/ نّ لتناول هذا الموضوع في المدارس في هذا اليوم وعلى مدار السنة أيضًا. تجدون في هذه الرزمة تخطيطات دروس للمرحة الابتدائيّة الإعداديّة والثانويّة.
مخطط درس لطلاب الابتدائي: اضغط هنا
مخطط درس لطلاب الاعدادي : اضغط هنا
مخطط درس لطلاب الثانوي: اضغط هنا
نحن نؤمن بأنّ وسائل واليات التعامل التربويّة مع العنصريّة يجب أن تكون، وبالإمكان أن تكون من نصيب كلّ مربٍّ ومربّية. من المعلوم أنّ الأمر يتعلّق بعمل تربويّ مثير للتحدّي بقدر كبير، طويل الأمد، ويتطلّب مرافقة، تأمّلًا انعكاسيًّا وتعاونًا، كما أنّه يحتاج إلى الكثير من قدرة المواجهة والاحتواء. نحن نؤمن بقدراتكنّ ونتمنّى لكنّ النجاح في هذا العمل المثير للتحدّي والهامّ.
مع تحيات ,
طاقم القسم, جمعية حقوق المواطن
عرَّف عالم الاجتماع البروفيسور يهودا شينهاڤ ظاهرة العنصريّة في شكلها الواسع على أنّها “نسبة الدونيّة إلى شخص أو مجموعة على أساس المميّزات النمطيّة التي تُصاغ بلغة بيولوجيّة أو اجتماعيّة أو ثقافيّة. هذه الصفات تُعتبر في الخطاب العنصريّ متدنّية، ثابتة لا تتغيّر وجوهريّة للمجموعة نفسها”. إذًا، لا تُعرّف العنصريّة اليوم وفق مميّزات بيولوجيّة فحسب. قد يتمّ توجيهها إلى مجموعات مختلفة ويمكن أن يكون “الآخر” في الواقع أيّ شخص أو فرد في مجتمعنا. وفقًا لهذا التعريف، يمكن انتهاج العنصريّة ضدّ أيّ مجموعة. ومع ذلك، عندما تكون العلاقات بين المجموعات غير متكافئة، فإنّ العنصريّة تُجاه الأقلّيّات ونحو والفئات الضعيفة تزيد من اللامساواة القائمة، بل وتضفي الشرعيّة عليها. إنّ التحدّي الحقيقيّ لمكافحة العنصرية هو رصدها حتّى عندما تتم صياغتها بلغة عقلانيّة، تكون الظاهرة فيها غير واضحة”.
ظهر تطبيق وجهات النظر والآراء العنصريّة بمظهر جديد مع التطوّرات التكنولوجيّة التي تمكن الفرد من الوصول باستمرار إلى الحيّزات العامّة، ليس في المجتمع المحدّد فحسب، بل في جميع أنحاء العالم في أيّ لحظة معطاة أيضًا. تمكّن الحسنات العديدة لشبكة الإنترنت والشبكات الاجتماعيّة جميع الشركات من الاستفادة من سهولة الوصول الكبيرة، سواء كانت المحافظة على التواصل مع العائلة والأصدقاء، مواكبة ما يحدث في بيئتنا القريبة، في البلاد والعالم. يمكننا مشاهدة مقطع فيديو للأماكن التي لن نزورها مطلقًا، ودائمًا أن نعرف ما نريده عن موضوع ما وعندما يكون ذلك مناسبًا لنا، من المطبخ وفي الحافلة أيضًا.
ولكن بالرغم من كلّ الحسنات، إحدى أصعب الظواهر وأكثرها إثارة للجدل والتي تطوّرت مع زيادة سهولة الوصول إلى الإنترنت، هي نشر المحتوى المسيء، العنصريّ، والمحرّض، قد يكون تعقيبات في موقع إخباريّ أو مدوّنة، تعليق في إحدى الشبكات الاجتماعيّة وفيديو يتمّ توزيعه على نطاق واسع، سواء كان هذا بهويّة مجهولة أو حقيقيّة. وفق بعض المثل العليا، كان من المفترض أن تكون شبكة الإنترنت حيّزًا ديمقراطيًّا يمكن فيه إبداء الرأي، الاستماع إلى الآراء، إجراء مناقشة عقلانيّة، ولكن في الواقع، أصبحت لوحة المفاتيح إصبعًا على الزناد”. المشاركات على تويتر أو الفيسبوك ضد مجموعة سكانيّة معيّنة تصبح “سلعة رائجة” تتمّ مشاركتها آلاف المرّات، وتحظى بآلاف إشارات “أعجبني” من دون فهم العنصريّة والكراهية، ومن هم الأشخاص الذين يشكّلون هدفًا للكراهية. بدءًا من المضامين المسيئة وانتهاءً بمضامين التحريض، الكثير من الفئات والأفراد يعانون من إساءة من خلال شبكة الإنترنت على خلفيّة العرق، المذهب، الانتماء، الجنس، المظهر، والقائمة تطول، ويبدو أن كلّ علامة تُصبح أمرًا واقعًا، يتضمّن إمكانيّة السخرية، الوصم بالعار “شيمنغ”، والكراهية وهي شائعة أيضًا بين الأطفال والمراهقين.
التقييدات الشرعية والتقييدات غير الشرعية على حريّة التعبير
حريّة التعبير هي إحدى الحقوق الأساسية في النظام الديمُقراطي، ولكن، كسائر الحقوق، يتناقض هذا الحق في كثير من الأحيان مع حقوق وقيم أخرى أكثر منها أهمية، أو مساوية لها أو أقل منها أهمية. تتطلب حالات الصراع بين القيم الديمُقراطية ذات القيمة الإيجابية إهتمامًا خاصًا. يتوجّب أولا فحص إمكانية الغاء التناقض المتواجد بينهما حتى يتمكنا من الاستمرار في الوجود جنبا إلى جنب، في حالة عدم توفر هذه الإمكانية، يتوجب البحث عن التوازن والوسطية (حل وسط) بين القيم المتعارضة، إن لم تكن هناك إمكانية لتحقيق هذا التوازن، يجب إعطاء الأولوية لأحدهما والتنازل بشكل مؤقت عن تحقيق القيم الأخرى.
الادعاء الأساسي الذي يوجه الحلول في هذه الحالات، هو تأكيد تحصيل الحد الأقصى من الحماية لتطبيق القيم الديمُقراطية. يتوجب أن تكون الحدود المقيّدة لحريّة التعبير في هذه الحالات افتراضًا نابعًا من الواقع وتعقيداته.
في مقابل هذه الحالات، هناك مظاهر لتقييد حريّة التعبير، وذلك بهدف حماية جميع الحريات الديمُقراطية من أولئك الذين يسعون لإلحاق الأذى بها. في هذه الحالة، تختلف المصلحة عن الوضع السابق الذي وصفناه. في هذه الحالة، تقييد حريّة التعبير ليست خياراً افتراضياً يكون ثمنها المس بأحد القيم الديمُقراطية، بل يكون حماية لنمط الحياة وللنظام الديمُقراطي.
على سبيل المثال، لا يشبه التناقض القائم بين حريّة التعبير وبين الرغبة في إذلال النساء في الأفلام الإباحية[1] والتناقض القائم بين حريّة التعبير من جهة وبين الحق في الأمن من جهة أخرى. يدور الحديث في المثال الأول عن تناقض بين مبدأ ديمقراطي وبين نيّة غير ديمقراطية، بينما يدور الحديث في المثال الثاني عن التناقض بين اثنين من المبادئ والحقوق الديمُقراطية.
الحاجة الحتمية للحد من حريّة التعبير في حالات التناقض بين مبادئ الديمُقراطية، بالإضافة الى حالات تعرّض القيم الديمُقراطية للخطر تقع في معظم الحالات على عاتق الهيئة التشريعية في البلدان الديمُقراطية المختلفة.
لكن، جزء من التطورات التكنولوجية المعاصرة تجعل وظيفة التشريع وفرض القانون بما يتعلق بتقييد حريّة التعبير غير قابلة للتنفيذ وفي كثير من الأحيان تجعلها منفصلة عن الواقع. فعلى سبيل المثال، تضع شبكة الإنترنت قدرة المشرّعين على حماية و/أو المساس بحريّة تعبير مواطني دولتهم تحت طائلة التساؤلات. يُعتبر الحيّز الإلكتروني عابراً للحدود، كما أنه يتيح تعبيرًا سريعًا يتم نقله الى أنحاء مختلفة من العالم. تُنظّم الثورات الاجتماعية عبر الشبكة (مثل الربيع العربي في مصر)، يتواصل مواطنو دول لا تتمتّع بعلاقات دبلوماسيّة فيما بينهم، أحيانا بما يتنافى مع سياسات حكوماتهم، يتم نشر المعلومات السياسية الذي لا يحبّذ النظام نشرها من دون أي عناء وصعوبة (مثل ويكيليكس).
تدعو كل هذه الأمور الى التحقيق وإعادة مناقشة الأساليب الواجب اتخاذها لحماية حريّة التعبير من جهة، وصعوبات تطبيق هذه الحماية من جهة أخرى. تخلق شبكة الإنترنت إمكانيات جديدة للنقاش السياسي العام، بل هناك من يعتقد أنها تسمح بعودة الديمُقراطية المباشرة، أي أنها تتيح للسلطة المحلية أو السياسية بتمرير القضايا المثيرة للجدل لجميع المواطنين من خلال شبكة الإنترنت ولإجراء تصويت عن طريقها من حين لآخر. تتحدى هذه الخيارات الجديدة نظام الحكم الديمُقراطي التمثيلي، كما أنها تتيح فرصًا ديمقراطية جديدة. هناك أهمية كبيرة في توفير معلومات كهذه للطلاب، وذلك بهدف فحص المكنون الإيجابي الكبير للشبكة لتعزيز الديمُقراطية وجعل الطلاب شركاء في عملية تعزيز الديمُقراطية.لكن، جانب المكنون الديمُقراطية الموجود في حيز الشبكة ، إلا أنها تُنتج بين الحين والآخر مظاهرًا خطيرةً تتمثّل بالاستعمال المسيء للمتصفحين مثل- الإذلال والفضح، نشر الأفكار العنصرية وغيرها.
كيف من الممكن التعامل مع هذه المظاهر؟ ومن هو المسؤول عن سن القوانين في عالم حدوده السياسية لا تتوافق مع حدود نشاطات مواطنيه وساكنيه؟ يكرّس العاملون في مجال التربية الكثير من الوقت لإيجاد السبل لحماية الشبيبة من الأذى العاطفي أو أي أذى آخر قد يتعرضون له من خلال الإنترنت. يتوجّب تعليمهم العديد من الوسائل القانونية والأخرى للتعامل مع أضرارالشبكة، ولكن في نفس الوقت، يتوجب منحهم المعرفة ومساحة التفكير للاستخدام الديمُقراطي المطوّر.
تغيير اجتماعي اضافي يطرح تساؤلات على الطريقة المتعارف عليها للتعامل مع حماية حريّة التعبير ولتحديد حدودها هو التغيير في مكانة المرأة في الحيّز الاجتماعي والسياسي. وعي النساء (والأقليات الأخرى) المتزايد لحقوقهن يوضّح استيعاب الطرق الخفية لتقييد وإسكات حريّة تعبير الفئات المهمشة. ” د. أوكي مروشك- كلارمن-من قوة الكلمة: التربية بهدف الدفاع عن حريّة التعبير والتعامل مع التحريض والعنصريّة.
في السنوات الاخيرة قمنا باصدار عدة حقائب تربوية تجدونها هنا:
حقيبة تربوية بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنصريّة 2017.
حقيبة تربوية بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنصريّة 2016.
حقيبة تربوية بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنصريّة 2015.
حقيبة تربوية بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنصريّة 2014.
حقيبة تربوية بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنصرية 2013.
حقيبة تربوية بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنصريّة 2012.
حقيبة تربوية بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنصريّة 2011.
حقيبة تربوية بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنصريّة 2010.
حقيبة تربوية بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنصريّة 2009.
اقتراحات لنقاش حول الأحداث الآنية في مجتمعنا- اقترحات لنقاشات صفية حول موضوع العنصريّة.
نحن نؤمن بأنّ وسائل واليات التعامل التربويّة مع العنصريّة يجب أن تكون، وبالإمكان أن تكون من نصيب كلّ مربٍّ ومربّية. من المعلوم أنّ الأمر يتعلّق بعمل تربويّ مثير للتحدّي بقدر كبير، طويل الأمد، ويتطلّب مرافقة، تأمّلًا انعكاسيًّا وتعاونًا، كما أنّه يحتاج إلى الكثير من قدرة المواجهة والاحتواء. نحن نؤمن بقدراتكنّ ونتمنّى لكنّ النجاح في هذا العمل المثير للتحدّي والهامّ.
مع تحيات ,
طاقم القسم, جمعية حقوق المواطن
[1] انظروا في مقال بروفيسور أوريت كمير الموجود في هذا الكتيب في صفحة…. والذي تم نشره في كتابها: احترام آدم وحواء – نسوية اسرائيلية، وقانونية واجتماعية، دار نشر كرمل.