رحل عنا قبل خمسة أيام من الاحتفاء باليوم العالمي لحقوق الإنسان، رئيس دولة جنوب أفريقيا السابق، المناضل الكبير من أجل الحرية والمحارب ضد نظام الفصل العنصري الأبارتهايد في جنوب أفريقيا، والحائز على جائزة نوبل للسلام، نيلسون روليهلاهلا مانديلا. يقف العالم اليوم حزينا على فراقه.
قبل ان يُحكم على مانديلا بالسجن مدى الحياة، قال: “حاربت ضد هيمنة البيض، وكذلك ضد هيمنة السود. إن الفكرة التي حاربت من أجلها، كانت عبارة عن تصور لمجتمع حر وديمقراطي، حيث يعيش الجميع في انسجام، وفرص متساوية للجميع. تلك هي الفكرة التي أحيا من اجلها وآمل أن أحققها. وإذا لزم الأمر، فأنا مستعد للموت من أجلها”. هكذا أضحى مانديلا الزعيم الذي قال ان هناك نضالات من أجل الحرية تتطلب ف سياسيا عنيفا رمزا للنشاط السياسي الذي يدعو الى اللآ-عنف، وتحول الى الرجل الذي فضل المصالحة على الانتقام، وأصبح بذلك أب الأمة في دولة جنوب أفريقيا، حيث يُعد في نظر الكثيرين رمزا للسلام والمساواة، زعيما ملهما يقف جنبا إلى جنب مع قادة العالم التاريخيين الذين دعوا الى نضال سلمي وبدون عنف مثل مارتن لوثر كينغ والمهاتما غاندي.
في العام 1948 عندما تسلم الحكم “الحزب القومي”, وهو الحزب اليميني في جنوب افريقيا، بدأ بتشريع قوانين التمييز والفصل العنصرية والتي تحولت لما سمي لاحقا سياسة ونظام الابارتهايد. نادى هذا النظام ب “تفوق العرق الأبيض”. ومنذ العام 1949 بدأ “الحزب القومي” الذي كان يمثل جزءا صغيرا بداخل الأقلية البيضاء بتطبيق نظام الفصل العنصري. تلك القوانين منعت المواطنين “غير البيض” من ممارسة حقوقهم المدنية لمدة 42 عاما. يمكننا ان نجد قائمة طويلة من قوانين الفصل العنصري الأبارتهايد التي مست بشكل منهجي بالمواطنين “غير البيض”.
تميزت حقبة الأبارتهايد بعدة نواح، منها العنف السياسي الكبير. احدى تلك الحوادث كانت “مجزرة شيفيلد” ، ذلك الاسم الذي أعطي لأحداث ال 21 آذار 1960 والتي تم تخليد ذكراها في كافة أنحاء العالم ب اليوم العالمي لمناهضة العنصرية التي يحتفي بها العالم كل عام. خلال هذه المسيرة الاحتجاجية، اشتبكت الشرطة المسلحة مع متظاهرين سود الذين قاموا بالتظاهر أمام مقر الشرطة المحلي للتعبير عن غضبهم على “قانون تصاريح العبور” العنصري الذي فرض على المواطنين السود وحد من حرية حركتهم ويعتبر أحد القوانين القاسية والعنصرية في نظام الأبارتهايد. تلك المظاهرة السلمية والتي دعت اليها منظمة PAC سرعان ما تحولت الى مظاهرة عنيفة جدا. قامت الشرطة بقتل 69 شخصا وجرح الكثيرين. بعد هذه المجزرة قرر نظام الفصل العنصري الابارتهايد إخراج حركة الكونغرس الأفريقي ANC التي كانت قد خططت لعدة مسيرات احتجاجية خارج القانون، وقامت باعتقال قائد الحركة نلسون مانديلا.