تشهد مظاهر العنصرية في المجتمع الإسرائيلي في السنوات الأخيرة تزايدا ملحوظا. لا يمرّ يوم تقريبا دون أن تنقل وسائل الإعلام تقريرا عن حدث عنصري خطير. كما في كل مكان آخر في العالم، تكون المجموعات المُستضعفة في المجتمع، مثل الأقليات ومهاجري العمل الضحايا الأساسية لهذه الظاهرة. ليس صدفة أن غالبية الأحداث العنصرية التي نشرها الإعلام في الآونة الأخيرة تتصل بمظاهر عنصرية ضد العرب والحريديم ومهاجري العمل والنساء والمواطنين من أصل أثيوبي وسواهم. المفاهيم العنصرية قائمة في هذه المجموعات أيضا، مثل العنصرية الموجّهة ضد ذوي البشرة السوداء في المجتمع العربي والموجّهة أيضا ضد مجموعات الأكثرية المهيمنة.

مظاهر العنصرية ينبغي أن تُقلقنا جميعا. لكن ما ينبغي أن يهمّنا أكثر من أي شيء آخر هو وجهات النظر العنصرية والعنصرية المقنّعة الذكية التي من الصعب كشفها والتصدي لها، وبالأساس العوامل الاجتماعية ـ الاقتصادية والسياسية التي تؤدي إلى نشوء وجهات النظر العنصرية في المجتمع. ومن المهم أن نتذكر أن الناس لا يولدون عنصريين.

التربية المناهضة للعنصرية هي عمليا تربية على قيم الديمقراطية، تربية على التعددية الثقافية والتسامح وتربية  من أجل حقوق الإنسان. التربية ضد العنصرية تعني أيضا سيرورة تعلّم عن العنصرية كظاهرة اجتماعية تمسّ قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان والإدراك أن وظيفة كل مواطن أن يتصدى لها. إن سيرورة تربوية جدّية تجعل الإنسان متأملا في ذاته وفي الدوائر القريبة منه وفي الدوائر الاجتماعية حوله. عملية تربوية جدّية من شأنها أن تعزز الحس النقدي للطالب وتشجعه على الإسهام بقسطه في التصدي لوجهات نظر عنصرية.

اليوم العالمي لمناهضة العنصرية الذي يصادف في ألـ 21 من آذار، والذي نحييه هذا العام في جهاز التعليم في العاشر من آذار، قبل عطلة عيد الفصح، هو فرصة جدية لحوار تربوي حول موضوع العنصرية في إسرائيل. صحيح أن التصدي للعنصرية لا يتم من خلال فعالية لمرة واحدة لكن في إحياء هذا اليوم في المدارس فرصة لبثّ رسالة مناهضة للعنصرية. هي فرصة لإجراء حساب ذات وفحص داخلي لأن العنصرية موجودة في كل مكان. في إحياء هذا اليوم في المدارس إنما نُسهم في تطوير الوعي للحاجة إلى برنامج تربوي شامل ومتواصل يمكّننا من صد هذه الظاهرة. إحياء هذا اليوم في المدارس قد يُطلق سيرورة تربوية جدية ضمن تجربة الحياة المدرسية.

بالمقابل، التربية ضد العنصرية ينبغي أن تكون جزءا لا يتجزأ من كل عمل تربوي في المدرسة وليس كنشاط لمرة واحدة. تربية من هذا النوع يجب أن تندرج ضمن مواضيع التدريس المختلفة، في التربية الاجتماعية وفي البيئة المدرسية بشكل عام. نؤمن بأن كل مدرّس يستطيع ويجب أن يرى نفسه مربيا ضد العنصرية.

هذه الحقيبة مخصصة للمركزين الاجتماعيين ومربي الصفوف ومرشدي التعليم اللا منهجي. وهي حقيبة ضمن سلسة من الحقائب في مجالات معرفية مختلفة سترى النور في الأشهر المقبلة وهدفها تشجيع المعلمين في المواضيع المختلفة على أخذ دور في التربية ضد العنصرية.

 

في الحقيبة قسمان أساسيان:

1. القسم ألأول، مخصّص لمركّزي ومركّزات التربية الاجتماعية ويشمل افكارا للتربية ضد العنصرية في إطار التربية الاجتماعية.

2. القسم الثاني، مخصص لمربي الصفوف ومرشدي التعليم اللا منهجي، ويشمل فعاليات لحصص التربية. يُمكن أن تجدوا هنا فعاليات ابتداء من جيل الطفولة المبكرة وحتى الثانوية.

نأمل أن تُسهم هذه الحقيبة في التربية ضد العنصرية في مدرستكم. ويسرنا أن نتلقى منكم تغذية عائدة على المواد التي تتضمنها.

مع تمنياتنا بقراءة ممتعة ونافعة

قسم التربية في جمعية حقوق المواطن.

الفصل الأول ـ أفكار للمركّز/ة الاجتماعي/ة

المركّز/ة كرائد/ة كقائد/ة اجتماعي/ة

النضال التربوي الجدّي ضد العنصرية يستدعي عملا أفقيا وعموديا على مدار السنة كلها ـ عمل يشمل محاورًا مختلفة وقنوات نشاط متنوعة خلال السيرورة التربوية. من هذه الناحية، تشكل التربية الاجتماعية فرصة أساسية جدا في التربية ضد العنصرية في المدرسة. الحصص الدراسية والسلة الثقافية والرحلات والجولات ومجالس الطلبة والفعاليات الخاصة وأيام الذكرى في المدرسة وخارجها ـ كلها مجالات تحت إشراف المركّز/ة  الاجتماعي/ة وهي تتيح له ولها أن يوفّرا سيرورة تربوية جدية وشاملة تناهض العنصرية.

عينيّا، نرى أهمية خاصة في إحياء اليوم العالمي لمناهضة العنصرية (21/3) بما في ذلك تكريس ساعتين من حصص التربية في الأسبوع الذي يُصادف فيها هذا اليوم. نذكّر بأن وزارة المعارف أيضا تدعو المدارس إلى القيام بفعاليات إحياءً لهذا اليوم كواحد من الأيام في “روزنامة المناسبات المدنية”.